هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الفنانين بعد أن أصبح التطور فى الإبداع الفني من خلال اللوحات التشكيلية
والمقاطع الموسيقية ومنها إلى نظم الشعر وكتابة القصائد الشعرية ؟
بدأت روبوتات الذكاء الاصطناعي فى العمل على تطوير الحس الإبداعي بأعمال بدائية، تشابه كتابات ورسومات المبتدئين أو الأطفال،
إلا أن التطور التقني وتعزيز التعلم العميق للآلات وتزويد الذكاء الاصطناعي ببيانات هائلة، أحدث على ما يبدو تحولًا
غير مسبوق في هذا الإطار، قد يغير نظرتنا النمطية للإبداع وانحيازنا إلى فكرة أنه حكر على جنسنا.
حيث طور باحثون من جامعتي كولورادو ودروري في الولايات المتحدة، منظومة ذكاء اصطناعي قادرة على نظم الشعر،
ولكن هذه المرة ليس بالطريقة البدائية التي اعتدنا ملاحظتها في نتاج الروبوتات الإبداعي،
بل بطريقة احترافية وصفها موقع تك إكسبلور التقني، بأنها تحاكي انفعالات ومشاعر المبدعين البشر.
وغذى الباحث برندن بينا، من جامعة كولورادو، وفريقه البحثي، المنظومة الجديدة،
بكميات ضخمة من الأبيات الشعرية من مصادر متنوعة، مع تصنيفها ضمن أقسام تتواءم ونوع المشاعر؛
مثل الحزن والغضب والفرح، ليعمد الذكاء الاصطناعي إلى نظمٍ جديد بالاعتماد على قاعدة بياناته من الأبيات الشعرية الأصلية.
ويتطلب التعلم العميق للآلات بنية معقدة تحاكي الشبكات العصبونية للدماغ البشري، بهدف فهم الأنماط، حتى بوجود ضجيج،
وتفاصيل مفقودة، وغيرها من مصادر التشويش. ويحتاج التعليم العميق للآلات،
كمية كبيرة من البيانات وقدرات حسابية هائلة، توسع قدرات الذكاء الاصطناعي للوصول إلى التفكير المنطقي،
ويكمن ذلك في البرنامج ذاته؛ فهو يشبه كثيرًا عقل طفل صغير غير مكتمل، ولكن مرونته لا حدود لها.
ونقل موقع تك إكسبلور، عن بينا، أن «المنظومة الجديدة أثبتت قدرة النصوص الإلكترونية على إثارة انفعال في نفس المتلقي،
مشابه للانفعالات التي تثيرها نصوص المبدعين البشر الأدبية. نأمل أن تؤسس تجربتنا قاعدة ,
تتيح استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي في مجالات إبداعية أخرى مستقبلًا.»
وعلى الرغم من أن الجوانب الإبداعية؛ مثل الأعمال الأدبية والفن التشكيلي، هي من أبرز جوانب تفرد البشر،
إلا أن شركات الذكاء الاصطناعي تسعى جاهدة لإحراز تقدم فيها، لتدخل الآلات ببطء وثبات محققة تحسنات ملحوظة؛
ومثال ذلك تعلم برنامج جوجل ديب دريم، آلية التعرف على الأجسام من خلال مسح ملايين الصور بكسلًا بكسلًا،
ليتعلم في البداية كيف يميز بين جميع الألوان ودرجاتها، ثم مسح حدود المساحات بين الأجسام،
وتعلم عبر الوقت كيف يفصل بين جسم وآخر، ويبني فهرسًا لجميع الأجسام من جميع الصور التي مسحها،
ثم توصل إلى طريقة لترتيب وتصنيف أجسام تملك خواصًا متشابهة، وتعلم إعادة إنتاج تراكيب عشوائية من هذه الأجسام. وعرض في النهاية عندما طلب منه مجموعة عشوائية من تلك الصور على نموذج للوحة فنية.
وفي أغسطس العام الماضى ، نشر مرصد المستقبل مقالًا عن لوحة فنية رسمتها خوارزمية ذكاء اصطناعي وحملت عنوان إدموند دي بلامي،
على قماش بأبعاد 70×70 سنتيمترًا بعد أن طورها مجموعة من الفنانين والباحثين ينتمون إلى موقع أوبفيوس.
واستخدمت المجموعة نموذجًا للذكاء الاصطناعي يعرف اختصارًا باسم جان، بعد أن زودته بـ15 ألف لوحة فنية،
ليُنتج النموذج من خلال محاكاة تلك اللوحات، عملًا فنيًا مبتكَرًا لا يتطابق مع أي نتاج بشري سابق.
وعُرِضت اللوحة في أكتوبر 2019، على المزاد العلني في دار مزادات الفنون الرائدة في العالم (كريستيز) ,
وبيعت بسعر لم يتوقعه أحد، إذ قدرت الدار أن سعر اللوحة سيتراوح بين 7 إلى 10 آلاف دولار، إلا أنها بيعت مقابل 432 ألف دولار.
وأنشأ الباحثون كذلك أنظمة عدة لابتكار أعمال فنية بصرية ونظم قصائد وتأليف أغانٍ ومقاطع موسيقية،
ومنها أنشودة دبي؛ أول مقطوعة موسيقية في العالم أبدعها الذكاء الاصطناعي في مايو 2018،
وجددت السجال بقوة حول قدرة الآلات على التفكير والوعي والشعور،
والانخراط في أحد أكثر الميادين خصوصية للجنس البشري،
لارتباط الفنون بالعواطف والوجدان البشري.
ولا يرى نقاد أن الروبوتات أو الخوارزميات ستحل محل الفنانين المبدعين، بل ينظرون إلى الأعمال الفنية ,
التي تنتجها الآلات وكأنها تشبه اختراع الكاميرا،
حين أصبح التصوير الفوتوغرافي فرعًا جديدًا من الفن ينتج صورًا تختلف عن لوحات الرسامين,