يشهد معرض جيتكس جلوبال 2025 منافسة واسعة بين شركات التكنولوجيا العالمية، مع تركيز واضح على حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي وتجارب العملاء الرقمية.
وفي هذا الإطار، حاورت «التكنولوجيا وأخبارها» السيد سليمان جودة، المدير التنفيذي لشركة “سايت كور” (Sitecore) في الشرق الأوسط وأفريقيا، للحديث عن استراتيجية الشركة، واستثماراتها في الذكاء الاصطناعي والخصوصية والسحابة السيادية، إضافة إلى خططها في أسواق رئيسية مثل الإمارات والسعودية ومصر.

بداية، حدّثنا عن شركة “سايت كور” وسبب مشاركتكم في معرض “جيتكس” هذا العام ؟
نحن متواجدون في معرض جيتكس للسنة الخامسة على التوالي، ونعد من أوائل الشركات التقنية التي رسّخت وجودها في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وخاصة في الإمارات والسعودية وقطر، منذ أكثر من 13 عامًا.
مشاركتنا هذا العام تركز على الذكاء الاصطناعي التوليدي في إدارة وصناعة المحتوى، وهو من أبرز مجالات الاستخدام الحالية للذكاء الاصطناعي. نحن نعمل على مساعدة فرق التسويق داخل الشركات على توظيف هذه التقنيات لتسريع وصول المحتوى إلى السوق وتحسين كفاءة عملياتها التسويقية بشكل كبير.
ما القطاعات التي تركز عليها “سايت كور” حاليًا في المنطقة؟
لدينا ثلاثة قطاعات رئيسية تقود نمو أعمالنا في المنطقة:
- أولاً: القطاع المالي، ويشمل البنوك وشركات التأمين، ويمثل نحو 22% من دخلنا الإقليمي.
- ثانيًا: السياحة والضيافة والطيران، وتشكل ما يقرب من 19% من الإيرادات.
- وثالثًا: القطاع الحكومي، الذي يشهد تحولًا رقميًا متسارعًا.
من خلال حلولنا الذكية لإدارة المحتوى، نساعد هذه القطاعات على تقديم تجارب رقمية متطورة عبر مختلف المنصات الإلكترونية والتطبيقات.
فعلى سبيل المثال، شركات الطيران الكبرى في المنطقة تستخدم حلولنا لتحقيق إيرادات إضافية من خلال ترقية الحجوزات أو بيع خدمات مثل الفنادق والسيارات عبر منصاتها، عبر تخصيص المحتوى وفقًا لاهتمامات وسلوك كل عميل.
ما حجم الاستثمارات التي ضختها “سايت كور” في تطوير تقنياتها؟
في عام 2021 استثمرنا أكثر من 1.2 مليار دولار في تطوير منصتنا وتعزيز قدراتنا الابتكارية في مجال إدارة المحتوى.
وقد شمل ذلك الاستحواذ على شركات متخصصة في منصات بيانات العملاء (Customer Data Platform)، وركزنا على بناء حلول تعتمد على بيانات الطرف الأول (First-party data) لضمان أعلى مستويات الخصوصية.
كما قمنا باستحواذ آخر في مجال الأمن السيبراني، انطلاقًا من قناعتنا بأن الخصوصية ستكون أحد المحاور الأساسية خلال السنوات الخمس المقبلة.
ومن أبرز حلولنا في هذا الجانب منصة XM Cloud، وهي منصة متوافقة مع معايير HIPAA الخاصة بقطاع الرعاية الصحية، ما يضمن بقاء البيانات الشخصية للعميل داخل خوادمه دون أي انتقال خارجي.
كيف تترجمون هذا التركيز على الخصوصية إلى حلول سحابية متوافقة مع مفهوم “السيادة الرقمية” في المنطقة؟
نولي هذا الجانب أهمية كبيرة. فاليوم، نعمل مع العديد من المؤسسات على تخفيض نفقاتها التشغيلية عبر الانتقال من البنية التحتية التقليدية إلى الحوسبة السحابية الحديثة أو نموذج البرمجيات كخدمة (SaaS).
نحن نسهّل على عملائنا إدارة عملياتهم التقنية بتقليص عدد العقود التي يتعاملون معها إلى عقد واحد شامل يغطي جميع الخدمات السحابية.
لدينا حضور قوي في قطاعات مثل الطاقة والحكومة والرياضة، خصوصًا في السعودية والإمارات، حيث نرى توجهًا كبيرًا نحو حلول SaaS.
والأهم أن معلومات العملاء الخاصة تبقى داخل الدولة، بينما يتم تخزين المحتوى العام مثل الصور والفيديوهات في مراكز بيانات خارجية.
نعمل حاليًا على توطين حلولنا السحابية بالكامل داخل الإمارات والسعودية، بالتعاون مع شركائنا، ومنهم Core42، لتقديم مفهوم السحابة السيادية (Sovereign Cloud) المتوافقة مع بروتوكولات مجلس الأمن السيبراني في أبوظبي.
بدأنا العمل على هذه المبادرة منذ يونيو 2024، ونتوقع الإعلان الرسمي عن خطتنا قريبًا.

من الواضح أنكم تخدمون قطاعات كبيرة، فهل تركزون فقط على المؤسسات الكبرى؟
على الإطلاق، نحن نخدم جميع أنواع المؤسسات، من الشركات الكبرى إلى المتوسطة والصغيرة.
نحن نركز على حل المشكلات وتحقيق النتائج وليس فقط على بيع التقنية.
فعلى سبيل المثال، نعمل مع شركات سيارات على حملات رقمية تساعدهم في تسريع بيع المخزون الحالي قبل وصول شحنات جديدة.
كما نقدم الدعم التجاري والتدريب من خلال شركائنا الاستراتيجيين مثل LinkDev وPwC وAccenture، لضمان أن التحول الرقمي لدى عملائنا يتم بشكل فعّال وشامل.
تحدّثت عن “الفلسفة التركيبية” في حلولكم. هل يمكن توضيح هذا المفهوم أكثر؟
“الفلسفة التركيبية” أو Composable Philosophy تعني أن كل عميل يمكنه تصميم نظامه الرقمي بما يناسب احتياجاته الخاصة، من خلال دمج وحدات متعددة من حلولنا التقنية.
لدينا أكثر من 20 ألف حالة استخدام مثبتة لأكثر من 5000 عميل حول العالم.
ولأعطيك مثالًا عمليًا: أحد البنوك الإماراتية واجه تحديًا في عملية تسجيل العملاء في البورصة، والتي كانت تتطلب المرور عبر ثلاث جهات حكومية مختلفة.
بالتعاون معنا، استطعنا تطوير حل متكامل عبر منصة XP خلال شهرين فقط، مما أدى إلى إدخال أكثر من مليار دولار إلى سوق البورصة خلال ثلاثة أشهر.
كيف تساعد حلول “سايت كور” المؤسسات على تقليل هدر المحتوى وتحسين الأداء التسويقي؟
تشير الدراسات إلى أن المؤسسات تنفق نحو 1% من دخلها السنوي على صناعة المحتوى، ومع ذلك فإن أكثر من 80% من هذا المحتوى لا تتم مشاهدته.
وهنا يأتي دورنا في تحليل وإدارة المحتوى بذكاء لضمان وصوله إلى الجمهور المناسب وتحسين التفاعل معه بنسبة لا تقل عن 1% سنويًا، مما ينعكس مباشرة على المبيعات والإيرادات.
وفي قطاع التجارة الإلكترونية مثلاً، يمثل الشراء عبر المنصات الرقمية ما بين 10 إلى 15% من الإيرادات، وبالتالي فإن أي تحسين في التفاعل مع المحتوى يؤدي إلى زيادة حقيقية في المبيعات الرقمية.
ماذا عن تواجدكم في السوق المصري؟ وهل هناك خطط للتوسع هناك؟
السوق المصري من الأسواق المهمة جدًا بالنسبة لنا. ورغم أننا لا نملك مكتبًا رسميًا في مصر حتى الآن، فإننا نعمل مع أكثر من 13 شركة مصرية، من بينها البنك المركزي المصري والبنك الأهلي، عبر شركائنا المحليين مثل LinkDev وPwC.
نحن نعتمد نموذج الشراكة المباشرة مع العملاء بدلاً من الوكلاء، ونسعى إلى تعزيز تواجدنا الفعلي في مصر خلال الفترة المقبلة، كونها واحدة من أربعة أسواق رئيسية لنا في المنطقة إلى جانب الإمارات والسعودية وقطر.
وقد حققنا خلال السنوات الأربع الأخيرة نسب نمو متتالية بلغت 16%، ثم 17%، ثم 19%، وصولًا إلى 25% هذا العام، ونتوقع استمرار هذا الزخم في ظل توسعنا في القطاعات المصرفية والحكومية والطيران.
الفلسفة “التركيبية”: من الشركات الكبرى إلى حل مشكلات SMEs
– هل تركزون على فئة معينة من العملاء؟ أم أن حلولكم مرنة لتناسب الشركات الصغيرة والمتوسطة أيضاً؟
– لدينا اهتمام كبير. نحن بالطبع من الشركات التي تتعامل مع جميع الفئات. معظم الشركات والعملاء لدينا هم في إطار الحسابات الاستراتيجية الكبرى (Large Strategic Enterprise Accounts). في مصر، خصوصاً البنك المركزي، البنك الأهلي، بنوك كبيرة جداً في مصر تستخدم حلولنا في إطار التعامل مع عملائهم والمنصات الرقمية. ولكننا ندعم أيضاً الشركات الصغيرة والمتوسطة (Small and Medium Enterprises)، ونتعامل معهم حسب احتياجهم.
– كيف تختلف منهجيتكم في التعامل مع مشكلة شركة صغيرة مقارنة بمؤسسة ضخمة؟
– “اليوم، نحن لا ننظر إلى طريقة استخدام التكنولوجيا، ولكن ننظر إلى النتيجة (Outcome) وحالة الاستخدام (Use Case) التابعة لها. فلا يهم حجم الشركة، ولكن يهم حجم المشكلة التي نساعد فيها، في إطار التسويق، مثلاً، عندما تنظر إلى الشركات لدينا، بعض شركات السيارات مثلاً، يأتون إلينا ويقولون: ‘لدينا 100 سيارة موجودة في المخزون (Inventory)، وقادمة إلينا 2000 سيارة في حاوية أو سفينة. فكيف نُطلق حملة (Campaign) للسوق تُعجّل في بيع المئة أو المئتي سيارة المتواجدة، لإتاحة مساحة للسيارات الأخرى القادمة’.”
– إذن، المرونة هي الأساس. كيف تدعمون هذه الشركات، ليس فقط تقنياً ولكن تجارياً أيضاً، ومن خلال شركائكم؟
– فالمرونة لا تقتصر على الحلول فقط، ولكننا ندعمهم أيضاً تجارياً، بأسعار تتلاءم وتتناسب مع حجم الشركة وحجم مشكلاتها التي نساعدهم فيها. نحن نوفر لهم الحلول، ونوفر التدريب على هذه الحلول، ونوفر شركات تدعمهم في تطبيق هذه الحلول، وأيضاً في تغيير فهم شركاؤهم. وأيضاً في تغيير مفهوم الشركة والإجراءات (Processes) داخل الشركات، بحيث تتعامل مع هذه الحلول وتنجح في عملياتها.”
– ذكرتَ أن لديكم أكثر من 20 ألف حالة استخدام. كيف تتيح لكم فلسفتكم “التركيبية” تحقيق هذا التنوع الهائل في الحلول؟
– نتعامل مع كل العملاء بطريقة أن الشركات التي تستخدم حلولنا (لديها) أكثر من 20 ألف طريقة خاصة لكل شركة لاستخدام الحلول؛ لأن فلسفتنا هي ‘التركيبية’ (Composable). فحسب المشكلة التي لديك، تُركّب الحلول التي تحتاجها، بحيث تحل هذه المشكلة. فلدينا أكثر من 20 ألف استخدام خاص بتقنياتنا، من خلال 5000 من أكبر الشركات الرائدة في العالم التي تستخدمها. فعندما نأتي للعملاء الجدد نقدم حلولا لاستخداماتهم الخاصة ، فمثلاً في مجال البنوك،. لدينا بنك هنا في الإمارات كانت مشكلتة أن سوق البورصة في الإمارات، عند التسجل، يحتاج للذهاب إلى ثلاث جهات حكومية للتسجيل فيها. فهذا البنك، بالشراكة معنا، ابتكرنا له أنه يستطيع توجيه هذه الجهات الثلاث إلى مكان واحد. ومن خلال ذلك، خلال شهرين، تم بناء هذا الحل عبر تطبيقنا ‘إكس بي’. وفي أول ثلاثة أشهر، أدخلوا أكثر من مليار دولار إلى سوق البورصة من خلال هذا الحل، الذي يُعتبر بسيطاً.”
قياس العائد: حل “الهدر” في صناعة المحتوى
-ذكرتَ في البداية أهمية صناعة المحتوى. لكن كيف يمكن للشركات قياس العائد على استثمارها الضخم في المحتوى، والذي غالباً ما يضيع؟
– (نعم)، كل شركة وكل المشاكل المتواجدة في إطار التعامل مع العميل عبر المنصات الرقمية، هي خفض المصروف السنوي في صناعة المحتوى.
ونحن نؤمن أن كل شركة تصرف على الأقل 1% من دخلها السنوي في صناعة المحتوى سنوياً. ولكن هذا المحتوى، ربما أقل من 20% منه تتم مشاهدته. 80% منه لا يُشاهد أبداً.
ولكن إذا كنت كل سنة تصرف 1% لصناعة المحتوى و80% لا يُشاهد، فهذا هدر هائل في الكفاءة. فنحن نساعد في تحسين التعامل مع المحتوى التسويقي الذي يظهر في الحملات، الذي يظهر في الدعايات، الذي يظهر في المواقع الإلكترونية والتفاعل معه.
– وكيف يؤثر تحسين هذا التفاعل، ولو بنسبة ضئيلة، على أرباح الشركات، خاصة في التجارة الإلكترونية؟
– نحن نحاول زيادة التعامل والتفاعل مع المحتوى بنسبة 1% كل سنة، ونرى مردود هذا في شركات، مثلاً، التي لديها تجارة إلكترونية. عادةً، من 10 إلى 15% من دخلها أو أرباحها يأتي من خلال التجارة الإلكترونية. فعندما تُحسّن التعامل مع المحتوى في المنصات الرقمية، فأنت تزيد من نسبة الشراء على المنصات الرقمية. والشراء عبر المنصات الرقمية يُعتبر شراءً بأرباح أعلى من الشراء في الأماكن التقليدية.”

نظرة على السوق المصري والنمو الإقليمي
– أخيراً، ما هو حجم تواجدكم في سوق حيوي مثل مصر، وما هي استراتيجيتكم للتعامل معه؟
– ليس لدينا مكتب في مصر تحديداً، ولكن لدينا أكثر من 13 شركة تستخدم حلولنا. ( حيث نتعامل مع العملاء مباشرة، وندعم الشركاء. ففلسفتنا تختلف قليلاً، نحن لا نتعامل مع وكلاء لنا في مصر، ولكن نتعامل كشراكة معه أمام العميل. ومن أمثلة شركائنا فى كصر لينك ديف (Link Dev) و ‘بي دبليو سي’ (PwC)، كما لدينا مثلاً ‘أكسنتشر’ (Accenture) أحياناً في بعض الموضوعات . نعمل مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات…”
– وما هي رؤيتكم لحجم نموكم في مصر وباقي المنطقة؟
– لدينا عملاء معظمهم من البنوك. واليوم سيكون لدينا عميل إن شاء الله في مجال الطيران، وسيكون هناك تزايد. فنحن ما زلنا نُعتبر شركة ناشئة في المنطقة. عمرشركتنا عشر سنوات ، ولكن لدينا أكثر من 150 عميل في المنطقة، من أكبروأكثر الدول التى نعمل بها هى الأربع دول: الإمارات، والسعودية، وقطر، ومصر. وآخر أربع سنوات حققنا معدلات نمومتصاعدة 16، 17، 19، 22،وحتى %25.”
سجل في قائمتنا البريدية لتصلك آخر الأخبار
التكنولوجيا وأخبارها بوابة مصر لأخبار تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وفي أفريقيا كما تعتبر مصدر رئيسي للمعلومات حول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والفرص الاستثمارية المرتبطة بالاقتصاد الرقمي في المنطقة بالكامل