شارك دكتور محمود محيي الدين المبعوث الخاص للأمم المتحدة لشؤون التنمية المستدامة بالحديث
عن مستقبل الاقتصاد بعد كورونا وتداعياتها في أولى حلقات حوارات “صوت مصر-تغيير الواقع”
Narrative Summit-Reshaping Norms التي أطلقتها اليوم قمة صوت مصر عبر منصاتها على مواقع
التواصل الاجتماعي.
وتحدث الدكتور محمود محيى الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لشؤون التنمية المستدامة،
إن حياة الناس والاقتصاد العالمي تعرضا لمشكلات كبيرة خلال أزمة انتشار جائحة كورونا بسبب عدم
إدراج الحكومات لقطاعات الصحة والتعليم ورأس المال البشرى في مصاف أولوياتها اللائقة، وإنه لا
مجال أن ننسى الدروس التي تعلمناها من هذه المرحلة وأن يترجم ذلك في أولويات الإنفاق على
هذه القطاعات مع إشراك عموم الناس في اتخاذ القرار، ووضع القواعد الخاصة بالتوازن بين أطراف
المجتمع وإحكام قواعد دولة القانون، فالناس لن يكون لديها أي درجة من التسامح مستقبلا مع
التساهل في الرعاية الصحية، أو تلوث البيئة وتغيرات المناخ بما يمكن أن يؤثر سلبا على حياتها.
وأضاف “محيى الدين” إن الأزمات ترتبط ب 3 آليات أولها آلية كاشفة عن مدى كفاءة النظم
والمؤسسات وقت الأزمات وهو ما شاهدناه من قدرات النظام الصحي على مستوى العالم المتقدم
والدول النامية وتنوعها ما بين الفشل والنجاح والصمود والانهيار، وهناك آلية التعجيل وتعنى أن هناك
أشياء كنا نعرف إن لها أولوية الاهتمام في المستقبل لكن ما كان مقدرا أن يحدث في سنوات قليلة
أو طويلة قادمة أصبحنا نراه يحدث في شهور وهو ما لمسناه في قطاع تكنولوجيا المعلومات
والتعليم وإنجاز الأعمال وتسوية المعاملات المالية، والاهتمام بشكل أكبر بتوطين التنمية والتصنيع
المحلى واتباع المعايير العالمية في الإنتاج المحلى، الأمر الثالث الذي تكشفه الأزمات هو التوازنات
والعلاقات الاقتصادية الجديدة وما سنراه من صعود نسبى لبعض الاقتصادات الناشئة.
وأشار “محيى الدين” إلى أنه لا يجب التهوين من الجانب الإنساني لجائحة كورونا فطبقا لآخر أرقام
منظمة الصحة العالمية تسبب الفيروس في إصابة 2.4 مليون شخص حول العالم بجانب 165 ألف
حالة وفاة حتى الآن وهو ما يعنى إن المنطقة العربية ومصر تحتاج إلى استثمارات ضخمة في الرعاية
الصحية والتعليم والبنية الأساسية من تطوير للطرق والمرافق لتمتد عبر القرى والمحافظات بجانب
دعم البنية الأساسية لقطاع البيانات وكل ما يرتبط بتأمينها وتخزينها والاهتمام بعلوم العصر والذكاء
الاصطناعي، مؤكدا إن هذا الأزمة تفرض علينا كذلك النظر في نظم الضمان الاجتماعي وأن يكون
لأفراد المجتمع حق معلوم من الدعم الذي تقدمه الدولة وهو ما يتم بالفعل من خلال دعم نقدي أو
عيني ونظم التأمينات والمعاشات، لكن سنحتاج النظر بعين الاعتبار إلى ما يعرف بالدخل الأساسي
الشامل للكافة Universal Basic Income الذى يضمن الحد الأدنى لعيش الناس، وهو ليس بديلا
عن التعليم ونظام التأمين الصحي وخدمات الدولة والحصول عليها بسعر معقول، لكنه إضافة لها
جميعا.
مضيفا إن الفترة القادمة ستشهد نسبة بطالة مرتفعة، وللأسف، ستستمر لفترة طويلة لذلك لابد من
التعامل مع تبعات الركود في سوق العمل، وحتى يحصل الناس على فرص عمل مناسبة هناك ضرورة
لتأمين حصولهم على هذا الدخل الأساسي لذلك تحتاج الدولة لمراجعة ميزانياتها وأولويات إنفاقها في
الفترة القادمة، فطبقا لما ذكرته منظمة العمل الدولية ستضيع 195 مليون فرصة عمل بسبب الركود
العالمي وهو 10 أمثال الرقم الذي حدث عقب الأزمة المالية العالمية عام 2008 لأننا الآن في وضع
أصعب من تلك الأزمة.
وخلال حديثه أكد “محيي الدين” على أهمية المشروعات المتوسطة والصغيرة وأنه بمراجعة نسبة
مشاركة هذه المشروعات من إجمالي المشروعات المؤسسة بالفعل في مصر فهي تمثل حوالي
90%، وهو تقريبا نفس الرقم المذكور لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما تمثل المشروعات
المتوسطة والصغيرة نسبة كبيرة في أسواق العمل تتراوح بين 45% إلى 75 % في بعض الحالات،
ومع الظروف الحالية اتضح إن 75% من هذه المشروعات تعرضت لضغوط شديدة بسبب جائحة كورونا
والركود الاقتصاد، و5% وجدت زيادة في الإقبال على خدماتها وباقي النسبة لم تتأثر سلبا أو إيجابا،
وهناك مزايا عديدة للمشروعات المتوسطة والصغيرة في مصر وهي قدرتها على الحركة والمرونة
وكثافة العمالة لكن استطلاعات الرأي أظهرت بعض المشكلات التي تعيقها مثل المتعلقة بالتدريب
وتهيئتها لكل ما هو جديدـ، ومدى ارتباطها بأنشطة البحث والتطوير، والخدمات التمويلية المناسبة،
وما يمكن أن تكتسبه بالارتباط بنظم التحول الرقمي الموجودة، وهناك مبادرات هامة في التمويل
سواء من القطاع المصرفي أو غير المصرفي، لكن نحتاج للمزيد من هذه المبادرات