في طرح استراتيجي يجمع بين الجرأة والحكمة الإدارية، قدم عبد اللطيف عُلما، الرئيس التنفيذي لشركة “جوميا مصر”، رؤية متكاملة لمستقبل الشركات الناشئة والتجارة الإلكترونية، وذلك خلال مشاركته في جلسة نقاشية تحت عنوان مثير للجدل “افشل سريعًا… وتعلّم أسرع”. جاء ذلك ضمن فعاليات “قمة التعليم” (Education Summit) التي نظمتها جامعة ESLSCA المرموقة على مدار يومي 22 و23 نوفمبر الجاري.
معادلة التوازن بين الجرأة والمسؤولية
استهل “عُلما” حديثه بتسليط الضوء على جوهر النجاح في العصر الرقمي، مؤكداً على ضرورة بناء بيئة تجارب تتسم بالمسؤولية والأمان. وأوضح أن الابتكار في عالم التجارة الإلكترونية لم يعد مجرد رفاهية أو خيار ثانوي، بل أصبح ضرورة حتمية تفرضها التغيرات المتسارعة في سلوك المستهلكين واحتدام المنافسة الإقليمية.
وشدد الرئيس التنفيذي لـ “جوميا” على أن “تجربة المستخدم” باتت العنصر الجوهري الحاسم لنجاح أي منصة رقمية، مشيرًا إلى أن الابتكار الحقيقي هو ذلك الذي يوازن بين الجرأة في الطرح والمسؤولية تجاه المستهلك والمنظومة الاقتصادية، بحيث لا يؤدي التجديد إلى أي أضرار جانبية.
استراتيجية “جوميا”: من الفكرة إلى التطبيق
وفي سياق استعراضه للمنهجية التي تتبعها “جوميا”، كشف “عُلما” عن الخطوات الدقيقة التي تمر بها أي فكرة جديدة داخل الشركة قبل أن ترى النور. تبدأ العملية بفهم شامل وعميق للسوق واحتياجاته، يتبعها تقييم دقيق لقدرات الشركة التكنولوجية والتنظيمية ومدى توافق الفكرة مع الأطر القانونية. ولا يتم الانتقال إلى مرحلة التجربة والتحليل المستمر إلا بعد استيفاء هذه المعايير، لضمان أن تكون الابتكارات “ضابطة” ومحسوبة.
دروس من الأسواق العالمية: الخصوصية أولاً
واستند “عُلما” إلى خبرته الطويلة في قيادة ملفات التحول الرقمي عبر أسواق متنوعة شملت مصر، وعدة دول عربية وإفريقية، وصولًا إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وأكد أن الدرس الأبرز من هذه المسيرة هو أن “لكل سوق خصوصياته المتفردة”؛ فبينما تسمح بعض الأسواق بالتحرك السريع والمرن، تفرض أسواق أخرى مستويات أعلى من الحذر والانضباط. واعتبر أن القدرة على فهم هذه الفروق الدقيقة هي المعيار الفاصل لتحديد ما يمكن تنفيذه وما يجب تجنبه.
نموذج التطور التدريجي وإدارة المخاطر
وحذر “عُلما” بشدة من فخ القرارات المتسارعة، خاصة في القطاعات الحساسة التي تعتمد على تعاملات رقمية ومالية ضخمة. ونبه إلى أن خطأ بسيطًا في هذا المجال قد يلقي بظلاله على ملايين المستخدمين ويهز ثقة السوق بأكمله.
ولتجنب هذه المخاطر، أوضح أن “جوميا” تعتمد “نموذجًا تدريجيًا” لتطوير المنتجات، يعتمد التسلسل التالي:
- الاستماع الجيد لنبض السوق وتحليل سلوك العملاء.
- إطلاق تجربة محدودة النطاق.
- إجراء تقييم موضوعي وصارم للنتائج.
- التوسع الكامل فقط عند التأكد من النجاح والمأمونية.
الابتكار المسؤول: النمو الصحي والمستدام
وأشار الرئيس التنفيذي إلى تنوع مصادر الأفكار، حيث ينبثق بعضها مباشرة من احتياجات العملاء، بينما يأتي البعض الآخر نتيجة دراسة تجارب المنافسين وتكييفها لتضيف قيمة حقيقية للسوق المحلي.
واختتم “عُلما” جلسته بالتأكيد على أن نجاح أي تجربة مرهون بوجود فرق عمل واعية بحقوق المستهلك، وقادرة على بناء منتجات لا تشكل أعباءً مالية أو تشغيلية. وخلص إلى أن المرحلة المقبلة، التي ستشهد تحولات جذرية في التكنولوجيا وسلوكيات الاستهلاك، ستكون الغلبة فيها للشركات التي تنجح في الجمع بين “الجرأة في التجربة” و”الالتزام بالمسؤولية”، وهو التوازن الذي يمثل حجر الزاوية في استراتيجية “جوميا” لمواصلة ريادتها في السوقين المصري والإفريقي.
سجل في قائمتنا البريدية لتصلك آخر الأخبار
التكنولوجيا وأخبارها بوابة مصر لأخبار تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وفي أفريقيا كما تعتبر مصدر رئيسي للمعلومات حول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والفرص الاستثمارية المرتبطة بالاقتصاد الرقمي في المنطقة بالكامل

